| ]





كأن الموت إذن هو ضريبة الجنس ، و ظهر مع ظهور الذكر و الأنثى .. و بدأ مع أول اتصال جنسى .

و السؤال المحير هو : لماذا لجأت الحياة إلى هذه الوسيلة الباهظة المكلفة من التكاثر .. و هى وسيلة كلفتها الموت .. مع أنها كانت تتكاثر بكفاءة .. و كانت تنتشر انتشارا فعالا بوسيلتها البدائية الأولى .. الانقسام .

علماء الحياة يقولون لنا إن قسوة الظروف و ضراوة البيئة هى التى تطلبت من الكائنات الحية الأولى البحث عن وسيلة جديدة لإنتاج نسل قوى يستطيع أن يصمد ويقاوم .
كان الانقسام يؤدى إلى نسل ضعيف يكرر نفسه بدون إضافات جديدة تذكر و النتيجة أن الموت بالحوادث كان يهدد فى هذه الحالة النوع كله بالانقراض .. و ما أكثر ما انقرض من أنواع مما نعرف و مما لا نعرف بهذه الطريقة .
و كان الحل هو ابتكار أسلوب شبيه بالتطعيم ( هو التكاثر بالتزاوج الجنسى ) .. و بهذه الطريقة يتكاثر النوع و تنضاف إليه فى كل تزاوج إضافات جديدة و يخرج نسل قوى ، و بهذا الحل أمكن إنقاذ النوع من الانقراض و الفناء و الموت و لكن بثمن هائل هو أن يغدو الموت كتابا مكتوبا على الأفراد .
أنقذت الحياة الأنواع من الموت ليموت الأفراد الذين أصبحوا مجرد حملة و حفظة و أرشيف للخصائص الوراثية لا أكثر .. يوصلون الحياة فى هذه الرسائل الدقيقة التى اسمها الحيوانات المنوية و البويضات .. ثم يموتون بعد أداء دورهم ..
لقد أكلت الحياة من الشجرة المحرمة تماما كما أكل آدم ، فأصبح أبناؤها سكان الفناء بعد أن كانوا سكان الجنة الأبدية

د. مصطفى محمودمقتبس من ..كتاب / لغز الحياة ..